كيف نصوم رمضان ؟!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


كتب: د. إبراهيم التركاوي
10 يوليو, 2013 - 2 رمضان 1434هـ

إن لرمضان منزلة عظيمة وجليلة في حياة المسلمين, فهم ينتظرونه علي شوق من عام لآخر, ولاغرو فإن الأمة الإسلامية وُلدت وتشكلت وصيغ بناؤها بالقرآن العظيم الذي أُنزل في هذا الشهر الكريم.

ومن ثمَّ كان رمضان نصرا وفتحا ورفعة وعزا في حياة المسلمين , يوم أن عرفوا كيف يصومون رمضان .!

وكان من أثر ذلك - في رمضان - معارك الإسلام الكبرى كغزوة بدر الكبرى وفتح مكة وعين جالوت .. وغير ذلك كثير - في القديم والحديث - من مآثر الإسلام الكبرى وأمجاده العظيمة.

ونحن المسلمين - إذ نستقبل رمضان هذا العام - مدعوّون لهذا السؤال : كيف نصوم رمضان ؟

والإجابة - كما أراها - علي هذا السؤال تكمن - علي سبيل المثال لا الحصر - في أن نستشعر ونحن نصوم هذا الشهر العظيم - كما استشعره الرعيل الأول - أنه ولادة جديدة , ورسالة تحرير للإنسان .



* ولادة جديدة :

نصوم رمضان ونحن نتطلع إلي ولادة جديدة - في هذا الشهر الكريم - من رحم القرآن العظيم تعيد بناء نفوسنا وتحسن صياغة عقولنا حتى نصطبغ بأمر الله ونهيه .

{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65]

ولذا, نحن في حاجة إلي توبة ( فكرية ) تطهر العقول من الغرائب والخرافات, وتزيل ما علق بها من النجاسات , وما ترسب فيها من الأفكار البالية التي تجاوزها الزمن, والحلول المستوردة التي تتعارض مع ثوابت الدين , وهوية الأمة.

ما أشد حاجتنا إلي مراجعة ( فكرية ) تتجاوز الأفكار الضيقة , والولاءات الحزبية , والأهداف الخاصة المغرضة التي شرذمت الأمة , وشتتت شملها , وبددت طاقاتها , وأهدرت مكتسباتها.

لقد آن الأوان أن ننتقل إلي فضاء الإسلام الواسع الذي استوعب الناس جميعا - علي اختلاف مللهم وتباين توجهاتهم - وأظلهم بمظلة الأخوة الإنسانية, وصيانة الكرامة الآدمية.



* رسالة تحرير :

نصوم رمضان ونحن نعلم أنه رسالة تحرير , وثورة تغيير في حياة الإنسان - المادية والمعنوية - فتحرّره من سجن شهواته, ومن سلطان غرائزه, فلا تستبدُّ به شهوة, ولا تتحكم فيه نزوة.

فالإنسان بالصوم يصبح رجل نفسه وسيدها, يتحكم في أعتى الشهوات , فكيف بغيرها ؟!

فنراه - بصومه - لا يخضع إلا لله , يصوم بأمره , ويفطر بأمره , فقد تحرر من سلطان الشهوات ومن طواغيت الأرض , وأعلن عبوديته لله وحده .

فحري بنا - ونحن نصوم وقد ذقنا حلاوة العبودية - ألا نرتدّ من نور الحرية إلي ظلمة الاستبداد والعبودية , ومن مسار القانون والشرعية إلي طريق التخبط والهمجية , ومن العدل والإنصاف إلي الظلم والإجحاف, ومن عزة النفس والكرامة إلي قبول الضيم والمهانة ..

وكيف لا ؟ وبالصوم والقرآن قد تحررت النفوس , وتوقدت الأفكار, وسمت الآراء , بعد أن جعل الله للإنسان فرقانا , يميز به بين الحق والباطل , وبين الصدق والكذب , والطيب والخبيث , فلا تخدعه الدعاوي الباطلة , ولا الإعلام الكاذب , ولا الشعارات الزائفة.

هذا غيض من فيض ما جاء في قوله تعالي : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة :185]



فإذا شعرنا بصومنا , بأنه ولادة جديدة , قد أعادت بناء نفوسنا وصبغتها بصبغة القرآن , وأنه رسالة تحرير, قد تحررت به نفوسنا وعقولنا , نكون - حقا - قد عرفنا , كيف نصوم رمضان .!

يعطيك العافية يا آدمن

وشكرا ..